أرشيف

دراسة تؤكد أن السياسات الاقتصادية وطبيعة النظام السياسي السائد من أسباب اتساع رقعة الفقر في اليمن

توصلت دراسة حديثة إلى أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها اليمن، والسياسيات الاقتصادية والمالية المتبعة القائمة على عدم التخطيط السليم أدت إلى زيادة ظاهرة الفقر بين فئات المجتمع اليمني.

 وأشارت دراسة تقييم مؤشرات الفقر وآثاره على الاستقرار الاجتماعي للدكتور محمد جبران إلى أن الظاهرة تتزايد في مناطق معينة أبرزها مناطق الريف.

وقال جبران وهو أستاذ المحاسبة والمراجعة في جامعة صنعاء أن لظاهرة الفقر مظاهر سلبية على المجتمع اليمني، تتمثل في تهميش الطبقات الفقيرة في المجتمع، واستبعادها من لعب دور مؤثر في إحداث التنمية، إضافة إلى شعور أفراد هذه الطبقة بالحرمان والعوز.

وطالبت الدراسة بتصحيح الحد الأعلى للمعيشة إلى المعايير الفعلية ، وكذلك الحد الأدنى لتحديد حجم الفقر بصورة دقيقة ليتم معالجته،مؤكدة على ضرورة تضافر جهود مختلف فئات المجتمع للحد من انتشار الظاهرة.

 وقالت الدراسة: " يجب على الحكومة استخدام عدد من الوسائل المبتكرة في وضع حلول جذرية لمشكلة الفقر في اليمن،مشيرة إلى أن أهم تلك المعالجات ابتكار حملة إعلامية لتغيير فكر الفئات المجتمعية تجاه التوظف بالحكومة، مع تشجيع الأفراد للقيام بمشروعات خاصة صغيرة ومتوسطة. وطالبت الدراسة بوضع خطة متكاملة للصناعات الصغيرة والمتوسطة التي ترغب الدولة في توجيه عجلة الانتاج إليها، وذلك بناء على دراسات واسعة ومكثفة لاحتياجات الأسواق المحلية والدولية.

واقترحت الدراسة وضع خطة عمل تتضمن ثلاثة محاور للقضاء على الفقر، أولها محور تدعيم النمو الاقتصادي بهدف تقليل حدة الفقر، والثاني التمنية البشرية من خلال زيادة الاستثمارات الموجهة إلى التعليم والتدريب والصحة، وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني، والثالث ترشيد المدفوعات التحويلية والدعم وإيصالها لمستحقيها.

 وتضمنت الدراسة تفصيلاً لأسباب الفقر في اليمن، حيث أشارت إلى أسباب داخلية، منها طبيعة النظام السياسي والاقتصادي السائد،مشيرة إلى أن النظام الجائر لا يشعر فيه المواطن بالأمن والاطمئنان، ولا بوجود عدالة تحميه من الظلم والتعسف، ويستفحل الأمر إذا تضاعف العامل السياسي بعامل اقتصادي يتمثل في انفراد الحكم وأتباعه بالثروة وبالطرق غير المشروعة نتيجة استشراء الفساد والمحسوبية، فيتعاضد الاستبداد السياسي بالاستبداد الاقتصادي والاجتماعي.

واعتبرت الدارسة ذلك من الحالات التي تتسبب في اتساع رقعة الفقر حتى عندما يكون البلد زاخرا بالثروات الطبيعية، هذا فضلا عن الحروب الأهلية والاضطرابات وانعدام الأمن.

وكشفت الدراسة عن أخطاء في منهجية مسح ميزانية الأسرة 2005/2006م التي نفذتها الحكومة بالتعاون مع البنك الدولي وتوصلت إلى تراجع مستوى الفقر من 40 % إلى 34%.

وأوضحت الدراسة أن عدد الأسر التي شملها العد لا تتجاوز 14400 أسرة وبنسبة 0.5% من الأسر اليمنية وهي نسبة ضئيلة جدا، كما شمل المسح الأسر الأجنبية سواء العاملة في شركات أجنبية أو سفارات أو حتى سفراء أجانب، رغم أن دخلها وإنفاقها يزيد عن إنفاق اليمنيين بحوالي 8 أضعاف الأسر اليمنية، ولهذا فإن المسح تضمن نفقات مبالغاً فيها.

 وأشار إلى أن المسح متحيز للمناطق الحضرية بصورة واضحة حيث ركز جهده على المدن وأهمل الريف الذي يشكل أكثر من 75% من السكان فمثلا محافظة صنعاء تم فحص 288 أسرة فقط وبنسبة 0.19% من عدد الأسر في هذه المحافظة بينما مدينة عدن 864 أسرة وبنسبة 1.0% كما إن المحافظات التي تشمل حضر وريف كان التحيز فيها للحضر. واستغرب الباحث تحديد البنك الدولي والبرنامج الإنمائي للامم المتحدة الحد الأدني للفقر والمتمثل بفقر الغذاء بمبلغ 3 آلاف و765 ريالاً في الشهر وهو مبلغ بسيط يقل عن دولار في اليوم، وتساءل " من يستطيع العيش بهذا المبلغ؟.

وأكدت الدراسة أن الفقر في اليمن يأخذ طابعا ريفيا خاصة وأن المجتمع اليمني ما زال ريفيا إلى حد كبير رغم النمو المستمر لظاهرة التحضر، حيث يحتضن الريف اليمني حوالي 84% من الذين يعانون من الفقر الغذائي وغير الغذائي في حين يقطن فيه ما يقارب ثلاثة أرباع السكان في 2005م. وترتفع نسبة الفقر إلى 40% بين سكان الريف مقابل 20% من السكان في الحضر، بالإضافة إلى توسع فجوة الفقر واشتداد حدته في الريف مقارنة بالحضر، كما يظهر ذلك الطالع من أن نسبة الإنفاق على الغذاء وفق بيانات مسح ميزانية الأسرة لعام 2005م بلغت 50% من الدخل مما يعكس انخفاض الدخل من ناحية وتدني أشد لما ينفق على الاحتياجات غير الغذائية من ناحية أخرى. وخلصت الدارسة إلى آثار ظاهرة الفقر إلى الاستقرار الاجتماعي من خلال تفشي الأمراض الاجتماعية، وانخفاض المستوى التعليمي والثقافي، وانخفاض المستوى الصحي، والتهميش وضعف المشاركة في الحياة العامة، والانعكاسات السلبية على وضع المرأة والأطفال.

زر الذهاب إلى الأعلى